بسم الله الرحمن الرحيم
قد قام يوسف استس _ هداه الله _ من نحو عشر سنين بنشر مخالفة شنيعة لعقيدة أهل السنة والجماعة، منها أنه قد شبه كلام الله بالنقد الورقي المتداول بين الناس، فكما أن الدولار ليس بمال وإنما هو دلالة على مال مخزون في مكان آخر، فكذلك الممكتوب في المصحف يدل على القرآن في مكان آخر!
وإليك نصُّ كلامه باللغة الإنجليزية، ثم ترجمته:
Now, I want you to take a dollar bill or a denomination of the money you have wherever you are, take it and look at it. Look at that dollar bill. Now take a ten dollar bill, or a twenty dollar bill, and look at them. They are both pieces of paper. They both have ink on them. But even though they could be the same size and weigh the same amount on a scale, one, we say, is worth many times more than the other. Why? Because of what it says on it. Actually, the paper isn’t worth anything, is it? The paper’s not, but what it represents. And what the money represents is gold, or silver, or something precious that’s put up in storage somewhere else, and you don’t touch that – That’s not something that you play with. In fact, if you wanted to go see the gold at Fort Knox in the United States, well, I’m sure you’d have to make a appointment and get some clearance for that!
But in the meantime, you could have all the paper that you wanted, and pass it around to other people and they’ll exchange it as though it was the actual gold, silver, diamonds, or whatever it is.
So, in this same way, we make the comparison that the Quran written on paper is similar to the money that we pass around every day. It means it has a value in and of itself, because we respect it, we take care of it, and we don’t deface currency, because if we did, we would get in trouble with the police. They would say, “Oh, you can’t mark on those dollar bills, you can’t change ‘em around,” It’s just a piece of paper, but still you don’t do that.
In the same way, we, as Muslims, are honoring this Quran, because we consider it to represent something very valuable in another place, which is what? Which is the recitation that’s behind this, the recitation of Allah…
الترجمة: “والآن أريد منك أن تُمسك الواحدة من الدولارات أو أدنى ورقة قيمةً من العملة الخاصة بمكانك، أمسكها وانظر إليها، انظر إلى الدولار. ثم أخرج الورقة قيمتها عشر أو عشرين [دولار]، انظر إليها جميعًا. كلها أوراق، وكلها كُتب عليها بالحبر، ومع أن الأوراق كلها نفس الحجم، ونفس الوزن على الميزان، نجزم بأن بعضها أكثر قيمة من بعض! لماذا؟ الجواب: لما كُتب عليها! وفي الحقيقة ليست لذات الورقة قيمة، أليس كذلك؟ الورقة لا قيمة لها، وإنما القيمة في ما تدل عليه. والنقد الورقي يدلُّك على الذهب، أو الفضة، أو شيء آخر نفيس ومخزون في مكان آخر، لا تمسه أنت، لأنه شيء لا ينبغي أن تعبث به. وفي الواقع إذا أردتَ أن تشوف الذهب المخزون في فورت نوكس [خزانة حكومية بأمريكا] في الولايات المتحدة فلا بد من استئذان رسمي وموعد خاص! ولكنك تستطيع أن تجمع ما شئت من الأوراق فتتداول بين الناس وهم يتصرفون بها كأنها ذاك الذهب أو الفضة أو الجواهر، ونحوها.
وكذلك نحن نشبِّه القرآن المكتوب على الأوراق بالنقد الورقي الذي نداوله بيننا يوميًّا، أعني: أن له قيمةً ما لذاته، لأننا نقدره ونحافظ عليه، ولا نعرِّضه للامتهان، لأنه إذا قمنا بذلك سيأتينا الشرطة، يقولون: لا تكتب على الأوراق، ولا تغيرها! فلا نقع في مثل ذلك، وإن كانت مجرد أوراق. كذلك نحن المسلمون نقدر هذا القرآن [يريد: المصحف]، لأننا نعتبره عبارةً عن شيء غالٍ جدًّا في مكان آخر، وما هو؟ هو القراءة التي هي أصله، قراءة الله!” انتهى كلام يوسف استس.
المصدر: محاضرة بعنوان الأشياء الجميلة في الإسلام (على هذا الرابط)
وهذا الكلام وما يشبهه قد تكرر منه وتواتر عنه نحو عشر سنوات، وهو مخالفة إجماع المسلمين على أن القرآن كلام الله، صفة له، لا يشبه ربنا المخلوقات، ولا تشبه صفاته صفات المخلوقات، وقول يوسف استس هذا موافق لمذهب المشبهة، وهو عند أهل السنة كفر مخرج من الملة.
قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى : 11]. وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَضْرِبُواْ للهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل : 74].
وقال نُعيم بن حماد، وهو من شيوخ الإمام البخاري _ رحمهما الله _ : “مَنْ شَبَّهَ اللهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ.” (شرح أصول الاعتقاد للالكائي ج3، ص587)
وقال الإمام إسحاق بن راهويه _ رحمه الله _ : “مَنْ وَصَفَ اللهَ فَشَبَّهَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللهِ العَظِيمِ.” (شرح أصول الاعتقاد للالكائي ج3، ص588) وللمزيد راجع ما جمعه الإمام اللالكائي تحت العنوان: “سياق ما روي في تكفير المشبِّهة”.(شرح أصول الاعتقاد للالكائي ج3، ص579 إلى ص582)
والمشبِّهة بعضهم يشبِّهون ذات الخالق بذوات المخلوقات، وبعضهم يشبِّهون صفاتِ الخالق بصفات خلقه، وكلُّهم عند العلماء مشبِّهة. قال الإمام ابن أبي العز: “اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ… فَمَنْ جَعَلَ صِفَاتِ الخَالِقِ مِثْلَ صِفَاتِ المَخْلُوقِ فَهُوَ الْمُشَبِّهُ الْمُبْطِلُ الْمَذْمُومُ!” (شرح الطحاوية ص52 و53)
وقد سئل الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري _ حفظه الله _ عن هذا القول وعن قول آخر له أن المكتوب في المصاحف ليس من القرآن، وإليك نص السؤال والجواب:
قال السائل: “يوجد في الغرب واعظٌ يقول: إن المكتوب في المصاحف ليس قرآنًا، وإنما القرآن الحقيقي هو المقروء على الألسن والمحفوظ في اللوح المحفوظ وفي صدور الناس، وإنما المكتوب في مصاحفنا عبارة عن القرآن، كالنقد الورقي في أيدي الناس، ليس لها قيمة لذاتها، وإنما المعنى القيم محفوظ في مكان آخر تدل عليه الورقة. وبدأ ينتشر هذا القول بين بعض الناس، يقولون المصحف وما فيه حبر وأوراق، وليس قرآنًا. فما موقف المسلم من هذا الكلام؟”
فأجاب الشيخ عبيد الجابري: “أولًا: أحذِّر _ إذا ثبت هذه المقولة عن ذلكم الواعظ _ فإني أحذِّر المسلمين والمسلمات من الاستماع إليه، فإنه مختلّ: إما ضالٌّ مُضِلٌّ، وإما فاسد العقل. ثانيًا: هذا الرجل خالف إجماع أهل السنة، فقد أجمعوا على أن القرآن كيفما تصرِّف فيه: تُلي بالألسن، أو حُفظ في الصدور، أو كُتب في الألواح، أو في المصاحف، فلا يُخرجه ذلك عن كونه كلام الله _ عزَّ وجلَّ _ . وهذا إنما استعمل القياس العقلي، هذا هو منشأ الضلال، وأَنا أظنه سوف يتدرَّج حتى يقول القرآن قسمان: لفظ ومعنى، فالمعنى هو كلام الله، والحروف واللفظ هذا مخلوق، [لا بد له] لا يوقفه إلا عند هذا الحد.”