بسم الله الرحمن الرحيم
ليوسف استس _ هداه الله _ مقال في أحد مواقعه في الإنترنت يقول فيه أن الردة حق الإنسان إذا كان لا يرغب في الإسلام، وأنه لا يثبت لديه دليل في عقوبة المرتد، ويؤول الأدلة إلى حالات خاصة حينما ارتد أحد المسلمين وهو يخبر الأعداء بأسرار المسلمين أو يسخر بالإسلام أو يسبه. (المقال باللغة الإنجليزية)
والمقال طويل جدًّا، وغير علمي، فألخِّص أهمَّ مضمونه، وهو احتجاجه ببعض الأدلة الشرعية، منها قوله تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، ومنها رجوع بعض المسلمين من المدينة إلى مكة أيام صلح الحديبية وردتهم الظاهرة بلا عقوبة، ومنها رجوع رجل عن الإسلام في الحبشة أيام الهجرة الأولى، ومنها قضايا واقعية استتيب فيها المرتدُّ فرجع إلى الإسلام دون أن يقام عليه الحد، ويدَّعي يوسف استس لنفسه التأهل العلمي والقدرة على تحرير هذه المسألة زورًا، يقول:
الترجمة: ” وقد بحثتُ في مسألة الردة وناقشتُ فيها علماء الإسلام بالتوسع عدة مرات.”
وهذا كذب جلي وتلاعب مع عقول الغربيين، فالرجل لا يعرف شيئًا عن أهل العلم، ولم يجالسهم، ولم يطلب على أيديهم العلم، ولا يعرف البحث العلمي ولا ناقش أهل العلم في شيء.
وإنما هو محاولته الخادعة أن يؤهِّل نفسه للكلام في المسألة، بدلًا من أن يقول: الله أعلم، ويسكت كما هو كان واجبًا عليه، وهذا دأبه وديدانه في كلامه، كما يُستفاد من الأقوال المنقولة المتواترة عنه في هذه الرسالة.
ونتيجة “البحث العلمي” عند يوسف استس _ هداه الله _ :
الترجمة: “الردة عن الإسلام بسبب المعتقد وحده بدون تعدٍّ ولا ظلمٍ للآخرين ولا لدولة المسلمين ليس فيها حد، لا ضرب، ولا قتل، ولا عقوبة غيرهما حسب ما اطلعتُ عليه من الأدلة.”
وقال _ هداه الله _ :
الترجمة: “الذي يختار أن يرفض هذا [الإسلام] حتى وإن كانت الأدلة تدله على صحة الإسلام، فهو على خيار، وسيستمر [المرتد] يعيش في المجتمع [الإسلامي] مستفيدًا من مصالحه والخدمات العامة، كالطعام، والسكن، والملابس، والأمن، والصدقة. لكنه سوف يضربون على أمواله زيادة من الجزية لعدم مشاركته في الجيش وما إلى ذلك.”
إنا لله وإنا إليه راجعون. وإن لم يكن هذا الكلام برهانًا واضحًا على أنه يتخذ دين الله هزوًا، فإنه قد سأل امرأةً متبرجة أمامه بعد إحدى محاضراته، وهي تريد الدخول في الإسلام: “هل أنتِ متأكدة على قراركِ؟ لأنكِ إنْ غيَّرتِ رأيكِ سنقطع رأسكِ!!” فضحك بذلك يوسف وأضحك به الجميع وارتفعت الأصواتُ بالضحك جدًّا!
[شاهد المقطع هنا، مع الحذر من صورة المرأة المتبرجة على يمين الشاشة]
وأما حد الردة فمعلوم أنه ثابت في الشرع لمن ارتد وإن لم يكن خائنًا أو سابًّا، وقد قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
“ثبت حد الردة بالأحاديث الصحيحة، مثل قوله _ صلى الله عليه وسلم _ : (( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلجَمَاعَةِ )) ، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وبقوله _ صلى الله عليه وسلم _ : (( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ )) ، رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي.
ونفذ الصحابة حد الردة بعد وفاة رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ فعن أبي موسى الأشعري _ رضي الله عنه _ قال: قَدِمَ عليَّ معاذٌ وأنا باليمن، فكان رجلٌ يهوديٌّ فأسلم ثم ارتد عن الإسلام، فلما قَدِمَ معاذٌ قال: لا أنزل عن دابتي حتى يُقتل. قال: وكان قد استتيب قبل ذلك، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن عكرمة قال: أُتي عليٌّ _ رضي الله عنه _ بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: ولقتلتهم لقول رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : (( مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ))، رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي، ولم يخالف فيه أحد من المسلمين الذين يعتد بخلافهم، والحمد لله.”
فتاوى اللجنة الدائمة (ج22 ص242-244)